الأربعاء، 28 سبتمبر 2022

هواية الرسم




إنّ الإنسان كُتلة مُتّقدة من المهارات مشحونة بالعواطف والأحاسيس والميول، فمن الطّبيعيّ أن تتنوّع رغباته واتّجاهاته لما ترعاه نفسه من الفنون كافّة، فهناك الإنسان المُحبّ للموسيقى، وأيضًا المبدع بالرّسم وفنونه التّشكيليّة المتنوّعة، ومنه الرّياضيّ البارع الّذي يعشق رياضةً ويتعلّق بها حدّ الجنون، ومنهم من يُغرق نفسه بغياهب الكتب ليتّخذ من القراءة هواية له. الهوايات هي تفريغ لما تَعتريه الرّوح من شحنات يُمكن تفريغها بشكل سلوكيّ مُنضبط ومُوجّه، ومن جلّ هذه الهوايات موهبة الرّسم وتُوصف بالفنّ أو الموهبة، فالفنّ؛ لكونه إبداعًا من الصّعب خلقه ما لم تكن وفق دافعٍ قويّ ورغبة شديدة ومَلَكة فطريّة، وهنا التّحليل لكونه موهبة تُوهَب للإنسان من جهة وتطوّر بفعل الاكتساب والدّربة والمزيّة في الممارسة، ورحم الله الشّاعر أحمد شوقي حين قال:[١] قِيلَ ما الفنّ قُلت كلّ جميل مَلأ النّفس حُسنه كان فنًّا إضافة إلى ذلك فإن الرّسم هواية عظيمة الأركان بهيّة الألوان تُدخل الفرح للرّوح وتُنفّس النّفس عن خلجاتها وما يعتريها من ضيق لما فيها من تركيز ودخول في عالم التّفاصيل من مجردات الطّبيعة من جهة، وتأمّل لرسم الشّخصيات وما وراء التّفاصيل من أسرار تُخَطّ بالقلم. تتنوّع مذاهب الرّسم وأنواعه وهنا يكمن الخلط والمزج دون معرفة محضة عن الهواية، فالمذاهب تعني الاتّجاهات المتّبعة في هواية الرّسم إلى فنون منها: الفنّ السّرياليّ، والفنّ التّكعيبيّ، والفنّ التّجريديّ، والفنّ الإيحائيّ، والفنّ الواقعيّ" والعديد من هذه المدارس المُستقلة في أفكارها وطرائقها المُتّبعة في أدائها الفنّيّ. قد نرى مدارس الرّسم كثيرة، ورغم تنوّع المدارس واختلاف اتّجاهاتها إلّا أنّها تصبّ في ذات النّهر، فهي كالبستان في تنوّعه والثّمار في مذاقاتها المختلفة، ومن أشهر هذه المدارس؛ المدرسة السّريالية: ومن روادها سلفادور دالي، والّتي تُحوّل الأحلام إلى رسومات تشكيليّة غاية في الغرابة، وتدخل في الفلسفة التّحليليّة وفلسفة "سيجموند فرويد"، والمدرسة التّكعيبيّة: من روادها "بابلو بيكاسو" والتي نرى اللّوحات فيها على شكل مُكعّبات تُمثّل رؤية الرّسام في هذا الفن. أمّا الأنواع فتختلف حسب الأدوات المستخدمة في تطبيق هذه الهواية، فالرّسم بالرّصاص هي بداية البداية لتتفرّع الأدوات ليكون الرّسم بقلم الفحم والألوان بأنواعها الزّيتيّة، والشّمعية، والشّمعيّة الزّيتيّة، والطّبشور، والألوان المائيّة، لتتطوّر الأدوات وتصل إلى الرّسم بالرّمل والرّسم بالحبر، ومن هذه الأدوات أيضًا: القلم بأنواعه وضروبه المختلفة، والرِّيش المتنوّعة والمختلفة المقاسات، والقصب. إنّ أدوات الرّسم كثيرة تتعدّد حسب درجة الاحتراف والخوض في غِمار هذا الفنّ، فلولاها لما كان لموهبة الرّسم من طريق واضح المعالم، ولا مسارات متنوّعة الاتّجاهات، ومنها الأقلام؛ قلم الرّصاص، والفحم، والطّبشور، والتّحبير، وأيضًا الألوان ومنها: الألوان الزّيتيّة، والإكريليك، والمائيّة، والشّمع الزّيتيّ، والشّمع العادي، والألوان الخشبيّة والبلاستيكيّة، وأخيرًا الأوراق ومنها: الورق العادي، والورق المقوّى، والقماش الخام. هكذا يجتمع الثّالوث الأساس وعمدة هذا الفنّ فلولا القلم لما كان الخطّ الأوّل، ولولا اللّون لما كانت الحقيقة مجسّدة في اللّوحات، وأخيرًا لولا الورق أو القماش لما خلّدنا الموهبة لتكون ذكرى للمستقبل.

المراجع:

https://sotor.com/%D9%85%D9%88%D8%B6%D9%88%D8%B9-%D8%AA%D8%B9%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D8%B9%D9%86-%D9%87%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%B3%D9%85/





الأحد، 18 سبتمبر 2022

مراحل تطوير ساعه اليد

     


بعد ذلك أخذت ساعة اليد في التطوير، والتحديث في مطلع القرن العشرين؛ فاستمر علماء الساعات في محاولاتهم 
الجدية لتطوير مُحركات الساعات؛ حتى تتناسب مع جميع الظرف، مثل الغوص في البحار، والصعود إلى الفضاء،
 وتسلق الجبال، وما إلى ذلك.
في عام 1930 تم إطلاق ساعة بريتلينج كأول ساعة يد يُمكنها أن تقيس الوقت، ويُمكنها أن تُزيد من وقت التسجيل.
وفي خمسينات القرن العشرين تم دعم عجلات التوازن الموجودة في الساعات من خلال تزويدها بملف لولبي 
مصنوع من سلك رفيع يتم لفه حول قطعة معدنية؛ لتصنع مجالًا مغناطيسيًا عند مرور التيار الكهربي
 بها؛ لتظهر الساعات الكهربية التي تُعد أساس ساعات الكوارتز.
في عام 1969 تم إطلاق ساعة الكوارتز التي تم تصنيعها من خلال التخلص من جميع الأجزاء المتحركة،
 وتزويدها ببطاريات؛ الأمر الذي أدى إلى التحسين من قدرة ساعة اليد على أن تبقى لمدة أطول، 
كما تخلص من الحاجة إلى تزييت الساعة بشكل مستمر حتى تتمكن من العمل، كما أن البطارية
 تخلصت من حاجة المستخدمين إلى ملء الساعة من وقت لآخر؛ حتى تستمر في العمل بكفاءة.
كل هذه المحاولات جعلت الساعة الميكانيكية القديمة سلعة نادرة؛ بسبب ما تمتلكه من أناقة لا مثيل لها، 
ولكنها موجودة إلى الآن، ويتم تصنيعها في سويسرا بأغلى الأثمان؛ فهي مُناسبة لأصحاب الأناقة 
العالية الذين يعشقون ارتداء الماركات العالمية.
تتطور ساعات اليد بتطور التكنولوجيا؛ فكانت الساعات يتم صناعاتها من الذهب، أو الفضة، أو 
من الصلب الغير قابل للصدأ.
وحديثًا أرادت الكثير من الشركات التي تتخصص في صناعة الساعات أن تقوم باستخدام
 ألياف التيتانيوم، والكربون، والألومينيوم، والبلاتين، والسيليكون، والسيراميك كنوع من أنواع التطور،
 والابتكار.

السبت، 17 سبتمبر 2022

آلات قياس الوقت الأولى

 

اعتمدت العديد من الحضارات القديمة على ملاحظة الأجرام السماوية كالشمس والقمر، لتحديد الأوقات والتواريخ، والفصول. نشأت أنظمة العد الستينية الشائعة الآن في العالم الغربي لقياس الزمن، قبل حوالي 4000 سنة في بلاد الرافدين ومصر. وقد وضعت بلاد أمريكا الوسطى نظامًا مماثلاً في وقت لاحق.

يعتقد أن أول التقاويم وضعها الصيادون خلال العصر الجليدي الأخير الذين وظفوا أدوات مثل العصي والعظام لتتبع أدوار القمر أو المواسم.بنيت دوائر الحجر، أمثال ستونهنج بإنجلترا، في أجزاء مختلفة من العالم، خصوصًا في أوروبا ما قبل التاريخ، ويعتقد أنها كانت تستخدم للتوقيت والتنبؤ بالأحداث الموسمية والسنوية مثل الاعتدالين أو انقلاب الشمس الصيفي.ولما كانت تلك الحضارات الميغاليثية، لم تترك تاريخًا مسجلاً، لذا فإننا لا نعرف إلا القليل عن التقويمات الخاصة بهم أو وسائل تحديد الوقت.

(3500 ق.م-500 ق.م)

كانت المزولة الشمسية التي تعتمد على الظل لتحديد الوقت أول الأجهزة المستخدمة لقياس أجزاء من اليوم الواحد.كانت أقدم ساعات الظل المعروفة مصرية، وكانت تصنع من الشست الأخضر. كما تعتبر المسلات المصرية القديمة، التي شيدت حوالي عام 3500 قبل الميلاد، أيضًا من بين أقدم ساعات الظل المعروفة.

المسلة المصرية بميدان الكونكورد في باريس

قسمت ساعات الظل المصرية اليوم إلى 10 أجزاء، مع 4 ساعات إضافية تسمى ساعات "الشفق"، اثنتان منهما في الصباح، واثنتان في المساء. ويتكون أحد أنواع ساعات الظل من ساق طويلة مع خمس علامات متغيرة وعارضة مرتفعة تلقي بظلالها على هذه العلامات. كانت تلك الساعة توضع شرقًا في الصباح، ثم تحوّل غربًا في الظهيرة. وتعمل المسلات بالطريقة نفسها تقريبا: يقع الظل على العلامات، فتسمح للمصريين بحساب الوقت. كما تشير المسلة أيضًا إلى ما إذا كان الوقت صباحًا أو بعد الظهر، وكذلك إذا ما كان شتاءً أم صيفًا.نوع آخر من ساعات الظل، صنعت حوالي عام 1500 ق.م، كان على شكل زاوية قائمة تقيس مرور الزمن بواسطة ظل العارضة الواقع على تدريج غير خطي. كانت الزاوية توجّه شرقًا في الصباح، ويعكس اتجاهها ظهرًا، بحيث تلقي بالظل في الاتجاه المعاكس.

على الرغم من دقة ساعات الظل التي تعتمد على الشمس، إلا أنها كانت عديمة الفائدة ليلاً وفي الطقس الغائم. لذا طور المصريون عددًا من آلات ضبط الوقت البديلة، بما في ذلك الساعات المائية والساعات الرملية، ونظام لتتبع حركة النجوم. أقدم وصف للساعة المائية هو ما نقش في مقبرة الموظف الرفيع في البلاط الملكي أمنمحات التي تعود للقرن السادس عشر قبل الميلاد، وبما يفيد أنه مخترعها.وكانت هناك عدة أنواع من الساعات المائية، وبعضها أكثر تعقيدًا من غيرها. أحد أنواعها عبارة عن وعاء مع ثقوب صغيرة في القاع، والذي يطفو على سطح الماء وتسمح له الثقوب أن يُملأ بمعدل شبه ثابت؛ وتشير علامات على جانب الوعاء إلى الوقت المنقضي كلما وصل سطح الماء إليها.

أما أقدم ساعة مائية معروفة، فقد تم العثور عليها في قبر الفرعون أمنحتب الأول (1525-1504 قبل الميلاد)، مما يوحي أنها استخدمت لأول مرة في مصر القديمة.ويعتقد أيضًا أن المصريين القدماء هم مخترعو الساعة الرملية، والتي تتكون من غرفتين زجاجيتين متقابلتين رأسيًا متصلتين بواسطة فتحة صغيرة. عندما تقلب الساعة الرملية، تتساقط حبات الرمل من الغرفة العلوية إلى السفلية بمعدل ثابت.هناك طريقة أخرى استخدمها المصريون لتحديد الوقت ليلاً عن طريق استخدام خطوط رأسية تدعى مرخت، والتي استخدمت منذ عام 600 ق.م تقريبًا، بحيث يضبط اثنين من الخيوط أحدهما مع نجم الشمال والآخر مع نجم القطب لإنشاء خط زوال سماوي بين الشمال والجنوب. ويتم قياس الوقت بدقة من خلال مراقبة نجوم معينة عند عبورها هذا الخط.

(500 ق.م-1 ق.م)

كانت الساعات المائية والشمسية شائعة الاستخدام في اليونان القديمة، بعد أن نقلها إليها أفلاطون، الذي اخترع ساعة منبهة تعتمد على دفع الماء. كانت ساعة أفلاطون تلك تعتمد على التدفق الليلي للماء إلى وعاء يحتوي على كرات من الرصاص، ويطفو فوق برميل قائم. يتدفق الماء بثبات إلى البرميل قادمًا من صهريج. وفي الصباح، يطفو الوعاء بما فيه الكفاية لينقلب، لجعل كرات الرصاص تتراص على طبق من النحاس. نبه الضجيج الناتج تلاميذ أفلاطون لاحتمال آخر بأنه إذا قارنوا بين جرتين متصلتان بمثعب. فإن الماء سينفد حتى يصل إلى المثعب، الذي يوصل الماء للجرة الأخرى. وهناك، سيدفع الماء الصاعد الهواء من خلال صفارة، مطلقًا صوت.

اهتم الإغريق والبابليون بقياس الوقت، كجزء من اهتمامهم بتدوين ملاحظاتهم الفلكية. أشرف الفلكي الإغريقي أندرونيكوس الحوروسي على إنشاء برج الرياح في أثينا في القرن الأول قبل الميلاد. ومن المعروف عن الإغريق، أنهم كانوا يستخدمون المزولة في المحاكم; وهو ما نقله عنهم الرومان، وذلك وفقًا لما ورد في العديد من الكتابات التاريخية والأدبية في تلك الفترة.هناك نوع آخر من الساعات المائية كان مستخدمًا، يتكون من مزهرية بها ثقب في مركزها، طافية فوق الماء. كان الوقت يقاس عن طريق ملاحظة كم من الوقت مضى حتى امتلأت المزهرية بالماء.

وبالرغم من أن الساعات المائية أكثر فائدة من الساعات الشمسية، حيث يمكن استخدامها داخل المنازل وخلال الليل وحتى والسماء ملبدة بالغيوم، إلا أنها لم تكن دقيقة.كما كان بها عدد من المشكلات الشائعة، أحدها كان الضغط، فعندما كان الوعاء يمتلئ بالماء، كان الضغط الزائد يدفع الماء بسرعة أكبر. كانت تلك المشكلة بداية لنشأة علم البنكامات الذي نشأ عام 100 ق.م، وظل يتطور في القرون التالية. ولحل مشكلة زيادة معدل تساقط الماء، كانت أوعية الساعات – عادةً مزهريات أو جرات – تصنع مخروطية الشكل مع جعل قاعدة المخروط في الأعلى. وصاحب هذا التطوير تطور ذكي آخر بإدخال تقنيات تجعل الساعة تصدر أصواتًا في توقيتات معينة.ظلت هناك مشاكل أخرى لم تحل، كتأثير الحرارة، فالماء يتدفق بمعدلات أقل كلما قلت درجة حرارته.

ورغم أن الإغريق والرومان قدما الكثير لتطوير تقنيات الساعات المائية، إلا أنهم واصلوا استخدام ساعات الظل. فعلى سبيل المثال، يقال أن الرياضياتي والفلكي ثيودوسيوس البيثيني، اخترع ساعة شمسية كونية أكثر دقة من أي ساعة أخرى على الأرض في تلك الفترة، وإن كانت المعلومات حولها قليلة للغاية. وقد اهتمت الكتابات الأدبية والرياضياتية بالكتابة عن الساعات الشمسية في تلك الفترة.وخلال عهد الإمبراطور أغسطس، صنع الرومان أكبر ساعة شمسية بنيت على الإطلاق، وهي مزولة الإمبراطور أغسطس، والتي كان عقربها مسلة جُلبت من مدينة أون.وقد ذكر بلينيوس الأكبر أن أول ساعة شمسية وصلت لروما كانت في عام 264 ق.م، آتية من قطانية في صقلية; والتي قال عنها أنها كانت غير دقيقة في تحديد الوقت حتى تم تعديلها لتتناسب مع إحداثيات روما، ولم تستخدم إلا بعد قرن لاحق.

بلاد فارس

الساعة المائية زيبد.
ساعة فارسية قديمة.








وفقًا للمؤرخ الإغريقي كاليسثينيس، فقد كان الفرس يستخدمون الساعات المائية عام 238 ق.م، للتأكد من التوزيع الدقيق للماء من قنوات الري إلى الأراضي الزراعية. يرجع استخدام الساعات المائية في إيران، وخاصة زيبد، إلى عام 500 ق.م. وقد استخدموها لتحديد أعيادهم الدينية قبل الإسلام كعيد النوروز والتشيلاه واليلدا. كانت الساعات المائية التي استخدمها الفرس، من أكثر آلات قياس الوقت القديمة عملية في تحديد القويم السنوي.

وقد وصلت الساعاة المائية الفارسية فنجان، إلى درجة من الدقة تقترب من المعايير الحالية لتقدير الوقت. وقد استخدموها لحساب قدر الوقت الذي يحتاجه المزارع للسماح للماء بالعبور إلى مزرعته عبر قناة الري أو من البئر، وظلت تستخدم حتى استبدلت بساعة أخرى أكثر دقة. ولأهمية الدقة في التوزيع، كان الفرس يختارون أشخاص من كبار السن ممن يتصفون بالعدل والمهارة، لإدارة الساعة المائية، وأحيانًا كان يتناوب على الأمر شخصان لإدارة الأمر على مدار الساعة يوميًا.كان الفنجان عبارة عن قدر كبير ممتلئ بالماء، مع مزهرية مثقوبة في منتصفها. وعندما تمتلئ المزهرية بالماء، تغرق في القدر، عندئذ يفرغها الشخص الذي يتولى الساعة ثم يضعها مجددًا على سطح الماء في القدر. يقوم الشخص حينئذ بحساب عدد مرات امتلاء المزهرية بوضع حصوة صغيرة كل مرة في جرة مجاورة.[36] كان المكان الذي توضع فيه تلك الساعة يعرف باسم خانه فنجان. وكان عادةً على سطح مبنى عام، له نوافذ شرقية وغربية لمعرفة أوقات الشروق والغروب.

كان هناك آلة أخرى لقياس الوقت تدعى الأسطرلاب، ولكنها كانت تستخدم في معتقداتهم الدينية، ولم تكن عملية ليستخدمها المزارعون. ظلت ساعة زيبد المائية تستخدم حتى عام 1965، عندما استبدلت بالساعات الحديثة.

(1 م – 1500 م)

الساعات المائية:

ساعة الفيل المائية التي صنعها الجزري، عام 1206.

يزعم المؤرخ جوزيف نيدهام أن تقنية الساعات المائية الصينية، إنما انتقلت إلى الصين من بلاد الرافدين، في الفترة ما بين الألفية الثانية قبل الميلاد، خلال عهد أسرة شانغ، وحتى الألفية الأولى قبل الميلاد. ومع بداية عهد أسرة هان عام 202 ق.م، تبدّل تدريجيًا استخدام الساعات المائية التي يخرج منها الماء إلى الساعات المائية التي يدخل إليها الماء، والتي تتميز بوجود قضيب طافٍ يوضح منسوب الماء. ولتعويض الضغط المفقود، والذي كان يتسبب في إبطاء معدل دخول الماء إلى الوعاء، أضاف زانج هينج خزانا إضافيا بين الفنطاس والوعاء المستقبل للماء. وحوالي عام 550 م، كان ين غي أول من يكتب في الصين عن إضافة الخزان الذي يحافظ على المنسوب إلى المجموعة، والذي وصفه بالتفصيل المخترع شين كيو بعد ذلك. وفي عام 610، تطور هذا التصميم على يد المخترعين من عهد أسرة سوي غينغ شين ويوين كيه الذين كانا أول من صنع الساعة المائية المتوازنة، والتي كان لها مواضع لموازين قباني ثابتة.[37] يقول جوزيف نيدهام: «...وتسمح الساعة المائية المتوازنة بضبط عمود الضغط في خزان التعويض باتخاذ المواضع المثالية للموازين لتخرج موازية لعوارض الموازين، ومن ثم يمكن التحكم في معدلات التدفق لأطوال مختلفة في الليل والنهار. وبهذا الترتيب، ليس هناك حاجة لخزان إضافي، وسيتنبه العاملان إلى حاجة الساعة المائية لإعادة ملئها.»

في الفترة بين عامي 270 ق.م و 500 م، تطور علمي البنكامات والفلك الهلنستي والروماني، فأدخلا الميكنة إلى الساعات المائية. كانت تلك الإضافة المعقدة ضرورية لتنظيم معدل تدفق المياه. فمثلاً، بعض الساعات المائية تقرع أجراس ونواقيس، بينما أخرى تفتح أبوابًا ونوافذ لتظهر تماثل لأشخاص أو مؤشرات متحركة أو أقراص ساعة. وبعضها يعرض نماذج تنجيم للكون.

كانت أكثر الساعات المائية تطورًا تلك التي صممها المهندسون المسلمون، وخاصة تلك التي صنعها الجزري عام 1206. ففي مخطوطته، وصف الجزري إحدى تصميماته وهي ساعة الفيل، والتي كان معدل تدفقها يتغير يوميًا ليتناسب مع اختلاف أطوال الأيام خلال العام. ولإنجاز ذلك، كان للساعة خزانان: العلوي متصل بالأنظمة الميكانيكية للساعة، والسفلي بمنظّم معدل التدفق. وفي وقت ما خلال اليوم يسمح للماء بالتدفق من الخزان العلوي للخزان السفلي للحفاظ على الضغط ثابتًا في الخزان الذي يستقبل الماء.

الساعات الشمعية:

من غير المعروف على وجه التحديد متى وأين استخدمت الساعات الشمعية لأول مرة، ومع ذلك، يأتي أول ذكر لها في قصيدة صينية كتبها يو جيانفو عام 520. وفقًا للقصيدة، فقد كانت الشمعة المتدرجة وسيلة لتحديد الوقت ليلاً. وقد استخدمت في اليابان شموعًا مماثلة حتى نهاية القرن العاشر الميلادي.

أما الساعة الشمعية الأشهر، فتنسب إلى الملك ألفريد العظيم، وكانت تتألف من ستة شموع مصنوعة من 112 جراما من الشمع، لكل منها ارتفاع 12 بوصة (30 سم)، وسمك موحد، وعلامة عند كل بوصة (2.5 سم). تحترق كل شمعة على مدى أربع ساعات، وتمثل كل علامة 20 دقيقة. وعند إشعالها، توضع الشموع في صناديق زجاجية ذات أطر خشبية لمنع انطفاء اللهب.

شرح الجزري للساعة الشمعية في كتاب معرفة الحياة الهندسية



كانت الساعات الشمعية الأكثر تطورًا هي تلك التي صنعها الجزري عام 1206، وكانت إحدى ساعاته الشمعية تشمل ترقيمًا يعرض الوقت.[41] وقد وصف دونالد روتليدج هيل ساعات الجزري الشمعية، قائلاً :

«كانت الشمعة تحترق بمعدل معروف، وكانت تحمل مقابل الوجه السفلي لغطاء ويمر الفتيل عبر ثقب. ويجمع الشمع في فجوة بحيث يمكن إزالته بشكل دوري دون تداخل مع معدل الحرق الثابت. ويوضع الجزء الأسفل من الشمعة على طبق مسطح له حلقة على جانبه ويتصل من خلال بكرات بثقل موازن. كلما احترقت الشمعة، دفعها الوزن إلى أعلى بسرعة ثابتة. ولم يعرف على مدار التاريخ ساعات شمعية تفوق هذا التطور»

نوع آخر منها كان ساعات المصابيح الزيتية، والتي تتكون من خزان زجاجي مدرج لحمل الزيت، يغذي مصباح بالزيت. وبحسب الكمية التي تقل في منسوب الزيت في الخزان، يستدل من ذلك على الزمن الذ مر.

الساعات البخورية:

إضافة إلى الساعات المائية والميكانيكية والشمعية، استخدمت ساعات بخورية في الشرق الأقصى، وكان منها عدة أشكال.استخدمت الساعات البخورية لأول مرة في الصين في القرن السادس الميلادي تقريبًا، وفي اليابان، ما زالت هناك ساعة مستخدمة في شوسو-إن،عليها أحرف بالديوناكري وهو ما يعني أنها قد تكون مخصصة للاستخدام في الاحتفالات البوذية، كما تكهن الباحث الأمريكي إدوارد شافير أنها اخترعت في الهند.ونظرًا لأن الساعة البخورية تحترق كالساعات الشمسية دون لهب، لذا فكانت تعتبر آمنة للاستخدام داخل الأماكن المغلقة.

كانت هناك عدة أنواع من الساعات البخورية، أشهرها عصا البخور.كانت ساعة عصا البخور ذات قياسات، معظمها كانت محددة بدقة. كانت الساعات البخورية إما مستقيمة أو حلزونية والتي كانت أطول وتستخدم لأوقات أطول، وكانت تعلق عادة في أسقف المنازل والمعابد. وفي اليابان، كانت الغيشا تُحاسب على عدد عصي البخور التي استهلكت أثناء وجودها، واستمروا على هذا المنوال حتى عام 1924.

الساعات ذات التروس والموازين:

المخطط الأصلي للبنية الداخلية لبرج ساعة سو سونغ كما وصفها في كتابه.

يعد أقدم نموذج لساعة تستخدم تقنية ميزان الساعة، ذاك الذي رسمه المهندس الإغريقي فيلو البيزنطي في الفصل 31 من أطروحته العلمية Pneumatics، والذي كان يشبه في تقنيته تقنية الساعات المائية ذاتية التشغيل.Aومن الساعات القديمة التي استخدمت تقنية ميزان الساعة تلك التي بناها الرياضياتي والراهب البوذي يي شينغ والمهندس ليانغ لينغزان في تشانغآن في القرن السابع الميلادي.

ونظرًا لأن ساعة يي شينغ كانت ساعة مائية، لذا فقد كانت تتأثر بتغير درجات الحرارة. وفي عام 976 م، أوجد تشانغ سيشون حلاً لتلك المشكلة عندما استبدل الماء بالزئبق، والذي يظل سائلاً حتى -39 °F. طبق تشانغ ذلك في برج ساعته الذي بلغ ارتفاعه 10 أمتار، لجعل موازين الساعة تعمل والأجراس تقرع كل ربع ساعة. هناك ساعة أخرى بناها سو سونغ عام 1088، في حجم ساعة تشانغ، تميز بوجود آلة ذات الحلق دوّارة أعلاه يمكن من خلالها تحديد مواضع النجوم، إضافة إلى 5 نواقيس أو أجراس وألواح تحدد الوقت.كما تميزت ساعته بوجود أول ناقل حركة بالسلاسل معروف لنقل القوى في تاريخ آلات قياس الوقت. بني هذا البرج في البداية في العاصمة كايفنغ، ثم قامت أسرة جين بتفكيكه ونقله إلى عاصمتهم يانجينغ (الآن بكين)، ولكنهم لم يستطيعوا إعادة تركيبه بصورة صحيحة. وبالنتيجة، أمرو سو شيي ابن سو شينغ ببناء برج آخر طبق الأصل.

تضمنت أبراج الساعات التي بناها تشانغ وشينغ في القرنين العاشر والحادي عشر على التوالي، تقنية الساعة القرعية، والتي تجعل الساعة تصدر أصواتًا عند كل ساعة.كان هناك ساعة قرعية أخرى خارج الصين في جامع بني أمية الكبير في دمشق، والتي أنشأها محمد الساعاتي في القرن الثاني عشر الميلادي، والتي وصفها ابنه رضوان الساعاتي في مخطوطته علم الساعات والعمل بها (1203)، والتي كتبها عندما تم تكليفه بإصلاح الساعة.وفي عام 1235، صنع المسلمون منبهًا يعمل بقوة دفع الماء للتنبيه على أوقات الصلاة ليلاً ونهارًا في مدخل قاعة المدرسة المستنصرية في بغداد.

أما أول ساعة تدور بالمسننات، فقد اخترعها ابن خلف المرادي في القرن الحادي عشر الميلادي في الأندلس، وكانت ساعة مائية يعمل بتقنية تروس متقاطرة معقدة، تتضمن تروسًا متداخلة وتداويرية قادرة على نقل عزم دوران كبير. لم يكن هناك ساعة تماثل في تقنيتها ساعة المرادي، حتى اخترعت الساعات الميكانيكية من منتصف القرن الرابع عشر الميلادي. استخدم المرادي أيضًا الزئبق لإدارة ساعته هيدروليكيًا،وهو ما ميز الآلات الميكانيكية ذاتية التشغيل.نقل العلماء في بلاط ألفونسو العاشر أعمال المرادي،ونقلوا تقنيتها لتلعب بذلك دورًا في تطور الساعات الميكانيكية الأوروبية.[58] صنع المهندسون المسلمون في العصور الوسطى أيضًا ساعات مائية تعمل بمصفوفات معقدة من التروس المتقاطرة ذاتية التشغيل،كما صنعوا، مثلهم كمثل الصينيين والإغريق، ميزان الساعة يعمل بتقنية قوة دفع المياه، واستخدموه في بعض ساعاتهم المائية. استخدموا أيضًا عوامات ثقيلة كالأوزان ونظام ثابت الرأس كميزان للساعة، لجعل الأنظمة الهيدروليكية تهبط بمعدل بطيء وثابت.

ساعة الجزرى الفلكية العملاقة.

وفي عام 1277، وصفت المخطوطة الإسبانية Libros del saber de Astronomia المترجمة والمنقولة عن أعمال عربية، ساعة زئبقية يستدل بها على توصّل المسلمين لتقنية الساعات الميكانيكية. إلا أن المخطوطة كانت تصف أيضًا ساعة مائية إسطوانية،[64] من اختراع الحاخام اليهودي إسحاق، والتي صممها معتمدًا على المبادئ التي وضعها هيرو السكندري لكيفية رفع الأجسام الثقيلة.






الساعات الفلكية:

خلال القرن الحادي عشر في عهد أسرة سونغ، ابتكر عالم الفلك والمهندس الصيني سو سونغ ساعة فلكية تدار بالماء من أجل برج الساعة بمدينة كايفنغ، والتي استخدم فيها تقنية ميزان الساعة، فضلاً عن أول سلسلة نقل حركة مرسلة معروفة تدير آلة ذات الحلق.

شيد الفلكيون المسلمون المعاصرون أيضًا مجموعة متنوعة من الساعات الفلكية عالية الدقة لاستخدامها في المساجد والمراصد الفلكية،كالساعة الفلكية التي تعمل بدفع الماء التي صنعها الجزري عام 1206،وساعة الإسطرلاب لابن الشاطر في وقت مبكر من القرن الرابع عشر. كانت أكثر ساعات الإسطرلاب تطورًا تلك التي صممها أبو الريحان البيروني في القرن الحادي عشر، ومحمد بن أبي بكر في القرن الثالث عشر، والتي اعتمدت على تقنية نقل الحركة بالتروس. تعمل تلك الأجهزة لتحديد الوقت وأيضًا كتقويم.

كانت ساعة الجزري الفلكية التي تدار بالماء جهازًا معقدًا. كان ارتفاعها أحد عشر قدمًا، وتقوم بوظائف عدة إلى جانب تحديد الوقت، كتحديد البروج ومساري الشمس والقمر. إلى جانب وجود مؤشر هلالي يتحرك عن طريق عربة خفية، ليفتح بابًا يُظهر منه دمية مختلفة كل ساعة،وبها إمكانية إعادة ضبط طول الليل والنهار لمواكبة تغيرهما على مدار العام. وتميزت هذه الساعة أيضًا بعدد من الآليات ذاتية التشغيل تشمل صقورًا وموسيقيين يعزفون حين يتم تحريكهم بواسطة رافعات تدار عن طريق عمود كامات متصل بساقية (ناعور).

هواية الرسم

إنّ الإنسان كُتلة مُتّقدة من المهارات مشحونة بالعواطف والأحاسيس والميول، فمن الطّبيعيّ أن تتنوّع رغباته واتّجاهاته لما ترعاه نفسه من الفنون ...